الثلاثاء، 26 أبريل 2011

شرفــة وذكريــات


-----------------------------------------------------------------------------
خاصمني قلمي.. وأصبحت الكتابة أمر يصعب ترويضه..
هذه الكلمات البسيطة زارتني اليوم.. أعتبرها عودة ضعيفة جدا لي..
ولا أملك سوى أن أشارككم بها.. فاعذروا تقصيري في هذا.
-----------------------------------------------------------------------------


جلست في شرفتنا أرشف من كوب الشاي بنَهَم.. وأضع ساقيَّ على سور الشرفة المعدني.. مُستمعة لصوت "أم كلثوم" القادم من عند "المكوجي" أسفل العمارة.. صوت الأولاد وهم يلعبون الكرة.. شياطين صغار.. لا تهمد حركتهم أبدا.. "و جووووووووووول" صيحات تتعالى منهم.. يضحكون أو يحتجون.. ودائما هم مزعجون..

هبت نسمة باردة فارتجفت باستمتاع.. الصيف قادم.. وكل نسمة باردة أصبحت غالية جدا.. قيمة جدا..

هذه شرفتنا.. ملاذي ومهربي.. عندما أفقد كل الوسائل لأستريح.. أهرب إليها وأجلس لأتأمل.. ولتستكين مشاعري.. رغم أفقها الضيق واطلالتها الغير جذابة جدا.. إلا أن لها تأثير سحري يعمل على روحي بكفاءة في كل مرة..

نسمة أخرى تعبر.. أغمض عيني.. لتتخلل روحي.. وتزيل بعض من شوائب الضيق والقلق والتشتت..
بشرفتنا يسكن الماضي.. يعبق بأرجائها.. ليس لأنها قديمة.. ولكن لا أعلم لم الماضي يزورني ها هنا.. وكأنه يهبط من السماء ليقي على التحية..
أتذكر كل الأشخاص.. وكل المواقف.. وكل القصص.. هنا في شرفتنا..

أيام الصيف والبحر ورائحة الملح.. وأقاربي وزيارتهم.. وسهرات الشاي والمسليات ولعب الورق والحكايا.. وضحكاتنا المتعالية والتي نحاول أن نكتمها كي لا "نِسَمَع بينا الجيران"..

أيام الشتاء والمطر.. ويدي المفتوحة في شوق لتلقي القطرات المتساقطة من السماء.. متقافزة في سعادة بقدمي الحافيتين على الأرض المبللة الباردة..

وأيام يزورني بها الحزن.. لتضيق بي الجدران.. وكأنها تحتجزني وتحبس أنفاسي.. لأهرب لشرفتنا.. وأطلع عنان دموعي.. أجلس صامتة أتأمل بقعة من السماء أشكي لها عن حزني.. وأبحث عن نجم يسامرني في ليل هربت الراحة مني فيه.. أحكي وأحكي وكان هناك من يسمعني وكأن هناك من يكفكف دمعي..

أيام الشروق.. عندما لا يزورني النوم.. أصنع فنجان من القهوة.. آخذ مفكرتي وقلمي لأدون خواطري.. أستمع للموسيقى حتى طلوع الشمس.. وقد أحادث صديقتي.. لنشاهد الشروق سويا.. أو كأننا سويا.. نحكي ما كان أو ما كان من المفترض أن يكون.. ونخطط لما نود أن يكون..

أيام كثيرة.. وذكريات أكثر ألقها في شرفتنا..
أذكرها وأتخيلها وأحلم بها.. وقد أتمنى رجوعها..

فبعض الذكريات حقا جميلة.. حقا غالية..
وحقا.. لا أستطيع الاستغناء عنها


هناك تعليقان (2):