الجمعة، 4 مارس 2011

لا لن نتحدث.. ولن نتفاهم.. ولن نتناقش.. سأقول ما قررته بسرعة.. ولن أعطيه فرصة للاستيعاب..
سألقي كلماتي عليه ليصدم أو يصعق.. وسأتركه وأذهب
كفاني عبثا.. كفاني لهوا ومماطلة
قد كرهت كل تلك الألاعيب.. كرهت عبثيته وسلوكه المستهتر
لست لعبة ولا ألعب.. وان كنت سأتألم فلا بأس.. لن أخسر نفسي
هو الخاسر الوحيد في هذه اللعبة.. هو الخاسر

كان ذلك حديثي لنفسي وأنا أدلف المطعم.. وقد ضممت شفتي في حزم وغضب..
رأيته جالس..
كان متألقا.. بامكاني أن أشم رائحة عطره من هنا.. كان يحادث النادل وعلى وجهه ابتسامة أنيقة جدا.. كان وسيما حقا.. لمحني بطرف عينيه.. فتسارعت شفتاه في الكلام..
تباطأت وأنا أتفنن في رسم كل أشكال التجهم على وجهي.. سأجعله يرى الجحيم.. سأنسيه كل اللحظات الجميلة التي عشناها.. لقد أشعل غضبي

وصلت للطاولة وارتميت على المقعد المقابل له محدثة أعلى قدر من الضجة.. بدون أي كلمات.. أشرق وجهه.. ياله من ممثل

قال وهو يبتسم:أخيرا وصلتِ.. لم تأخرت هكذا؟!!

رددت وأنا أمزق الوردة الموضوعة على الطاول: تأخرت.. هكذا.. بدون سبب

قال في حنان: لا بأس المهم انك هنا..

ها هو سيبدأ ما يبرع فيه.. أخذت شهيقا عميقا لأبدء هجومي.. وفتحت شفتي و.....
أمسك يدي هنا وقال في رفق: أتعلمين لمَ تحبيني؟!!

رددت في تخاذل: لا.. ولا أريد أن أعلم.. ثم أشحت بوجهي..

قال: بلى تريدين..

رفعت عينيي في تساؤل.. أكمل: انت تحبيني لأني أحبك..

عقدت حاجبي وهممت بالاعتراض.. لكنه عاجلني بالكلام: أتعلمين لم أحبك؟

رددت: كلا.. ولم تسأل كل هذه الأسئلة؟!!!

قال وهو يبتسم في هدوء: لأني أفهم تعبير وجهك الذي أتيتي.. فاحاول ان أنقذ قلبي مما قد تفعلينه

قلت وأنا أزفر: وما قد أفعله..

رد وهو يبتسم أكثر: لم تجيبي.. أتعلمين لم احبك؟!!

قلت: لا.. لا أعلم

ارتفع حاجباه.. أكانت دهشة أم تأثر أم ماذا لا أعلم.. لكنه عاد مبتسما مرة أخرى.. هو حقا في مزاج جيد.. وأنا أكاد أحترق

قال: سأجيبك أنا..
صمت لحظات.. ينظر فيما حولي يتأمل الناس بهدوء.. ثم عاد فجأة ليستقر بعينيه في وجهي.. مما أخجلني فاشحت وجهي مبتسمة في ارتباك..

فابتسم في صفاء وقال: هذا أول ما أحببته فيكِ..

ثم إني أحب وجهك العابس.. الذي قابلتني به الآن.. والذي رغم كل محاولاتك المضنية في رسم أشد أنواع الغضب على وجهك فلم تستطيعي أن تكوني سوى طفلة مقضبة الحاجبين

صمت قليلا.. ثم مال بجذعه للامام وأكمل: انت وطني ان لم تدركي هذا.. انت مرساي الذي أغفو عنده.. والذي فقط أرتاح فيه.. قد أدور.. وأبتعد.. أذهب حيث لا تريني ولا أراكِ.. وتظنين اني أنسى وأهمل.. أو ألعب.. لكنك لم تقرأي مرة عينيي اللتان تخجلين منهما.. تشحين بوجهك قبل أن تقرأي ما لا يقدر أحد على تكذيبه.. اني بك فقط أحيا.. بك أتنفس.. وبك أنتظر غدي وأفكر فيه

تلفت حولي بارتباك وخجل.. سأذوب في لحظة ما..

عاد وأسند ظهره على المقعد وتنهد: تعلنين علي الحرب بسهولة.. تضعينني على قائمة أعدائك في لحظات..

سحبت يدي من يده بقوة وقلت: لي الحق في هذا.. ثلاثة أسابع مختفي.. بدون سبب.. ثلاثة أسابيع تهرب وتتهرب.. والكل لا يعلم أين أنت.. لم تجب علي سوى مرات تعد على اليد الواحدة.. والآن تقول لي أعيش بك وأحبك.. حقا انت غريب

كان مغمض العينين يمتص غضبي.. يهز رأسه يمينا ويسارا وكأنه يقلب الكلمات في رأسه

قلت في اقتضاب: ماردك!!

فتح عينيه وعلى وجهه أوسع ابتسامة على الاطلاق.. وأشار للنادل..أومأ له النادل واختفى في مكان ما..

قلت وأنا أحاول أن أخفض صوتي ليخرج مبحوح: ستقتلني اليوم.. أنت في واد وأنا في واد..

لم تزدد ابتسامته سوى اتساعا.. وأنا أشعر بحرارة وجهي تزداد بسبب الغضب.. هنا.. انطفأت كل أضواء المطعم.. إلا تلك التي فوقنا.. وبعض الأضواء الخافته المتناثرة..
نظرت حولي في توتر.. شعرت كأني على خشبة مسرح.. اقترب النادل في يده صينيه صغيرة.. ووقف جوار طاولتنا.. هنا نهض.. وحمل علبة صغيرة كانت على الصينية.. ليفتحها وأرى ذلك الخاتم..

ركع امامي وقالي: هذا ردي..

ضاعت الكلمات.. هربت واختفت مني.. ظللت انظر له في بلاهة.. قال: ثلاثة أسابيع أخطط لهذا اليوم.. لقد جهزت كل شيء من أجل الزفاف.. سافرت في بعض الأحيان.. وبمساعدة الجميع حاولنا أن نجهز كل شيء كما تحبين.. لم تعد هناك سوى بعض الأمور الصغيرة التي أحتاج رأيك فيها..

عيناي متسعتان أحاول أن أستوعب.. وكل رواد المطعم ينظرون لنا.. مبتسمين ويعلقون هامسين

قال: وددت طريقة كلاسيكية في طلب يدك.. طريقة مميزة غير التي عهدناها.. وددت ان أجعل كل شيء مميز قدر الإمكان.. أتقبلين؟!!

هززت رأسي أن نعم.. وبكيت.. انا التي كانت تظن كل من يبكي في مثل هذا الموقف أحمقا قد بكيت.. انا حمقاء اذا.. حمقاء سعيدة

تنفس هو الصعداء.. ألبسني الخاتم وسط تصفيق رواد المطعم.. عاد الى كرسيه وهو منتعش.. نظر إلي فلم أشح بنظري هذه المرة.. بل نظرت له ولعينيه.. ولتلك النظرة في عينيه.. لأول مرة أراها.. لأول مرة أفهم.. كيف لي أن أشك أو اتوهم ما كنت أتوهم.. كيف لم أر هذا من قبل.. ان عينيه تقولان لي كل شيء.. تقولان اني أملك قلبه حقا.. اني الوطن والمرسى حقا.. لم أر عينان تحكي كعينيه.. عينان تحبان كعينيه..

أمسكت يديه.. وضغط عليهما برفق.. وقلت: يالي من حمقاء غبية.. انا حبك فعلا لحبك لي.. انت فهمتني أما انا فلا..

هز رأسه برفق وقال: أعلم.. اعلم..

صمت برهة ثم قال: ألست جائعة!!

رددت في حماس: بلى..

ضحك ونادى النادل من جديد..


هناك تعليق واحد:

  1. رائعــة !
    يا رب ارزق كل شبابنا وبناتنا مثل هذه المشاعر الجميلة، وتوجها بزواج جميل تحت ظل شريعتك :):)

    ردحذف