السبت، 8 يناير 2011

وكلانا في الصمت سجين (1)

"العنوان مقتبس من قصيدة للشاعر الكبير فاروق جويـــدة"
 *************************************************

لم يشعر في حياته بمثل هذا الجنون
حقا يشعر بكل عروقه تنبض فزعا وجنونا
هو يقبع جوار المشفى منذ عدة أيام.. يقضي نهاره في السيارة.. يتأمل المبنى.. يرتجل منها ليدور عدة دورات حوله، ثم يعود خلف المقود
بنظر إليى نافذة واحدة.. نافذتها
قد علم منذ أيام أنها أصيبت في حادث.. وأن حالتها حرجة.. وأنها كادت أن تموت
بل كاد هو أن يموت، لم ينم من يومها، لم يذق طعما للراحة

أصبحت السيارة بيته، كاد أن بتشاجر عدة مرات مع صاحب البقاله التي يوقف السيارة بجوارها، صاحب البقالة يطلب منه الرحيل، لقد شك في أمره
لا أحد يفعل ما يفعله، لكن هيهات الرحيل.. هذا ما أوضحه لصاحب البقالة
كيف يرحل من دون أن يراها؟!! أن تنام عيناه دون أن يراها!!
وقد اقتنع صاحب البقالة.. أو أشفق عليه.. لا يهم.. المهم أنه هنا
لكن لا يدري بأي صفة يراها.. بأي صفة يدخل حجرتها بالمشفى
هي روحـــه.. إذا فله أسبابه ومقتنع هو بها.. من حقه أن يراها

لكن كيف يقنعهم؟!
قد رشى بعض العاملين في المشفى ليعرف أخبارها
تتحسن.. لكن ببطئ.. لا تزال نائمة في الفراش لا تقوى على الحراك
وهو لا يقوى على الحراك وترك المكان
لكن حتى هي.. كيف يراها وهو بالنسبة لها مجرد شخص عابر
لا تتعدى علاقتهم السلام والسؤال عن الحال والمستجدات.. وابتسامات بسيطة
كيف له أن يضايقها بوجوده؟!
أن يفزعها بوجوده؟!
لكنها من تفزعه الآن.. من تقتله الآن.. مايجتاح أعماقه لنار تكاد تحرقه وتفنيه..
نار لن تخمد إلا برؤيته لها.. برؤية وجهها..
حتى وان استجمع قواه.. فأمها لا تفارقها.. قد علم هذا من العاملين هنا
أمها عين ساهرة لاتغفل.. تكاد لا تنام

لكنه أيضا لا ينام.. بنظر لوجهه في مرآة  السيارة.. عيناه غائرتان إلى حد مخيف، ذقنه غير حليقة، شعره في أسوء منظر يراه على الاطلاق
يبدو كوحش آدمي

يفرك عينيه بكلتا يديه.. ثم يعيد النظر إلى نافذتها من جديد
النافذة التي حفظ كل تفاصيلها، لون طلائها، خدوشها، حتى تلك الزاوية التي سقط عنها الطلاء يحفظ شكلها.

هائم في أفكاره.. تائه في نفسه.. أصبح معلقا بين السماء والأرض. ينتظر الرحمة أو العقاب.. فلم تعد روحه ملكه بعد الآن.

"يا أســــتاذ.. يا أســــتاذ"
طرقات سريعة على زجاج السيارة.. طرقات سحبته من عالمه.. فانتفض في قوة وحدق للعامل في عدم فهم،
فتح النافذة وهو يقول في توجس:                                       
"خيـــــر"
رد العامل بابتسامة واسعة:
"لا خير ان شاء الله، والدة الآنسة إللي بتسأل عليها كل يوم لسة ماشية حالا، وقالت هترجع كمان ساعتين كدة.. تقريبا هاتقضي مصلحة عالسريع وتيجي.. أصل بنتها اتحسنت قوي النهاردة"
اتسعت عيناه وهو يسأل العامل في حذر:
"قصدك إيه؟!!"
ضحك العامل وقال:
"تعالى انت بس.. أنا هدخلك المستشفى وأوصلك لحد عندها تطمن عليها"

هناك 4 تعليقات:

  1. هذا الجزء روعــــــــة .. يا رب يكون فيه جزء ثانى

    ردحذف
  2. Maha you are so talented masha'ALLAH:) it is amaziiiing one :) beside...ana keda e7temal atla3 belvibration:D:D:D:D el story to7Faaa :) w el 3enwan ra2eee3 gedan :) fe3lan e5tyar mowaffaq :)...

    ردحذف
  3. l2aaaaaa e3ody zakry wnaby ana fadia bl3ab :D:D
    b3den efta7y w 22ry Nehal elsite mwgod mesh hiter :D:D

    and thx kteeeeeeeeeeer awi bgd mabsota gdn inaha 3gbtek :D

    ردحذف